السلام عليكم

ارجو لكم الاستفادة و مشاركتنا باي جديد لديكم و نحن علي ثقة في اي جديد يفيدكم و يفيدنا و اتمني للجميع السعادة
مدير المدونة
طارق توفيق (مستر / طارق)

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 16 يناير 2011

التعليم التفاعلي

إن أساس المبادئ العشرة هو الأسلوب التفاعلي في التعليم والتعلم. وتلك المبادئ هي:
1) الطالب هو متعلم اللغة.
2) يتشكل تعلم اللغة وتعليمها بالاستعمال الطبيعي لها في تبادل المعاني (بالصيغ المنطوقة أو المكتوبة) وهذا هو أساس الاستراتيجيات والتكنيكات.
3) العلاقات الصفية تعكس المودة والاحترام المتبادل وتسمح لشخصيات كل من الطلبة والمدرسين بتعلم تعاوني في بيئة غير مهددة.
4) إن أساسيات الاستعمال اللغوي هي معرفة اللغة والسيطرة عليها.
5) تطور السيطرة اللغوية يتقدم بواسطة الإبداعية المغذاة بالأنشطة المشتركة.
6) استعمال كل وسيلة معينة ممكنة من أجل المساعدة في التعلم.
7) الاختبار يساعد على التعلم.
8) تعلم اللغة هو اختراق لثقافة أخرى.
9) العالم الحقيقي يمتد خلف أسوار الصف, وتعلم اللغة يجري في داخل الصف وخارجه.
1. الطالب هو متعلم اللغة:
التركيز على تعلم الطالب بدلاً من التركيز على تعليم المعلم ليس مسألة جديدة ففي عام 1836 استخلص ولهلم فون همبولدت Wilhlm von Humboldt أن لا أحد يمكنه أن يُعلِّم اللغة فعلاً, بل يمكنه أن يوفر الظروف التي فيها سوف تتطور اللغة تلقائياً بطريقتها الخاصة, وفي عام 1965 لفت شومسكي Chomsky الانتباه إلى هذه الرؤية بعبارات قاطعة, تاركاً أثره في تعليم اللغة بوضوح في السعبينات والثمانينات, وكذلك أكد برونسون ألكوت التربويBronson Alcott البازر في القرن التاسع عشر في General Maxims 1826-1827أننا يجب "أن لا نُعلّم شيئاً لا يستطيع التلاميذ تعليمه لأنفسهم". هذا التناقض الجذري تردد صداه في عام 1972 عند جاتجنو Gttegno الذي لاحظ أننا في التعلم نعزز في عقول المتعلمين معايير تمكنهم من التقدم في تعلمهم. وقال: "التعلم الذاتي وحده هو الذي سيؤدي بأي متعلم إلى السيطرة على المهارة".
في تعلم اللغة, سواء أكانت اللغة الأولى أم لغة أخرى, يجب أن يطور كل متعلم, وأن يدمج تمثيلاً ذهنياً أساسياً لفهم اللغة وأيضاً للتعبير عن نفسه بها تكلماً أو كتابة. ومن أجل أي شيء نحاول, سواء كان ربط الحذاء أو سياقة السيارة, فإننا نحتاج إلى نوع من الخارطة الذهنية أو إلى برنامج عمل لما نريد عمله, وذلك يقودنا إلى أداء فعال. (انطر المبدأ الخامس) وهذا التمثيل الذهني ذاتي جداً يتطور كلما أصبح المتعلم ذا كفاية تامة في اللغة.
في تعلم اللغة نقوم بمساعدة المتعلمين أفراداً بأفضل طريقة نعرفها من أجل تعزيز سيطرتهم على اللغة, وبذلك يصبحون بشكل متزايد طليقين في استعمالها للتعبير عن مقاصدهم. طرقنا للتقدم تكون أحياناً حدسية, لأن جهلنا في هذا المجال عظيم. يمكننا أن نوفر فرصاً لملاحظة اللغة المستعملة, وكذلك لاستعمالها إبداعياً, ولكن المتعلمين وحدهم فقط يمكنهم تمثُّل اللغة وجعلها لغتهم, وهذا ما يفعلونه بطرقهم الفردية كلياً. وبالتالي فإننا في السنوات لأخيرة نعير اهتماماً كبيراً جداً لنميز الأساليب ونفضل استراتيجيات للتعلم. وأحياناً, وبالرغم من جهودنا, لا يتعلم طلبتنا كما نرغب, لأنهم غير مستعدين ليقوموا بذلك, وهذه قضية مهمة. (انظر النتيجة 1:1). وبمركزية عملية التعلم الفردي, يصبح من المهم القيام بالتقييم الذاتي وبتقييم الزميل لزميله لمعرفة مدى التقدم ولرصد الأخطاء. ويجب أن يدرك الطلبة أنهم مسؤولون عن تعلمهم, وسوف يتحملون تلك المسؤولية بجدية أكبر إذا اكتشفوا بأنفسهم وعملوا على نقاط ضعفهم وقصورهم.
نتيجة 1.1 الحافزية تنبع من الداخل, ويمكن حثها, ولكن لا يمكن فرضها من الخارج.
هناك اعتقاد خاطئ بين بعض المدرسين, هو أن مهمتهم هي أن "يحفّزوا" طلبتهم. إنهم يشكون قائلين "طلبتي غير محفوزين أبداً". الجثث والموميات "ليست محفوزة كلياً" في حين أن أي مخلوق حي محفوز. قد يكون أحد الطلبة محفوزاً لكي يجتاز كل حصة للغة بأقل قدر من الانزعاج الشخصي, بينما يكتسب القدر الأقل جداً من اللغة المتوافق مع عدم إخفاقه, وقد يكون طالب آخر محفوزاً للحصول على درجات عالية بواسطة تزويد المدرس أو أية وكالة اختبارات بما يبدو أنها تبحث عنه في الاختبار, في حين يكون طالب ثالث محفوزاً لتعلم مجموعة فرعية من المهارات أو المفردات المميزة لتحصيل أهداف شخصية, قد لا تكون هي أهداف المساق أو أهداف المدرس. الحافزية, دائماً موجودة سواء كانت قوية أو ضعيفة, ومهمة المدرس أن يكتشف ينابيعها لدى كل طالب وتوجيهها في اتجاه اكتساب لغوي أكبر من خلال محتوى المساق, وفي الأنشطة داخل غرفة الصف وخارجها, وفي المشاريع التي ولدَّها المتعلم أو يرعاها على الأقل. (انظر كذلك المبدأ الثاني). وكذلك الجاذبية الداخلية للموضوع مهمة غالباً, والاهتمام المثار بواسطة التفاعل الصفي سوف يشحذ حافزية المثابرة في تعلم اللغة, وهذا بدوره سوف يستمر إلى أن يتم الحصول على سيطرة لغوية مُرضية للمتعلم.
من الملاحظ أن حافزية اللغة تتعاظم وتتضاءل كلما شعر الطلبة أن بإمكانهم أن يستعملوا اللغة بكفاءة في تحقيق حاجاتهم العاجلة أو أهدافهم طويلة المدى التي أدركوهاحديثاً. ولهذا السبب, وبالرغم من أن البالغين والفتيان يتعلمون اللغة أسرع من الصغار في المدى القريب, فإنهم أكثر وأسهل رضى بما يمكن أن يعملوا باللغة مقارنة مع المتعلمين الأصغر سناً, الذين وهم يرغبون بأن يكونوا مقبولين من نظراتهم وناجحين في بيئة جديدة, يثابرون للحصول على مستوى أعلى من السيطرة اللغوية في المدى البعيد. إنه من مصلحة المدرس أن يجد الطرق ليعيد إثارة حافزية المتعلمين الأكبر سناً بواسطة فتح آفاق جديدة لإمكانياتهم. وتقوم بذلك عوامل خارجية أحياناً نيابة عنا فتضطرم من جديد اهتمامات الطلبة وحماسهم, وبسبب العوامل الخارجية تلك فإن عدداً من المتعلمين الأكبر سناً الذين يعودون لدراسة اللغة يقومون بذلك في سني بلوغهم.
2. يتشكل تعلم اللغة وتعليمها وفقاً لحاجات المتعلمين وأهدافهم في ظروف معينة:
حاجات المتعلمين وأهدافهم ليست ذاتية فقط, بل إنها تتشكل إلى درجة كبيرة بواسطة الضغوط الاجتماعية, والضرورات السياسية, وتوقعات الوالدين المتأثرة بالمؤثرين السابقين, حيث تمارس القوى الاجتماعية, والمنظور المجتمعي الواسع, سواء كانت تعكس الواقع أو تعكس مجرد الآمال والمخاوف, تأثيراً كبيراً غير واع إلى درجة كبيرة, في ما يتم إدراكه بصفته اختيارات فردية. أحد هذه التأثيرات غير المحسوسة هو الفرص المدركة للمستقبل الوظيفي لمتعلم اللغة; وهذه التأثيرات تتغير في تأثيرها باستمرار بتغير العلاقات الاقتصادية والسياسية, وهذه تؤثر في الطلب على لغات معينة. وتأثير آخر هو الأهمية المتنامية في المنظور العام في لحظة زمنية معينة لمجتمعات محددة لها لغاتها: هل يجب أن يتعلم طلبتنا اليابانية أو الصينية مثلاً بدلاً من الألمانية, أم يتعلمون الإسبانية أو الإيطالية بدلاً من الفرنسية? هل هو من غير المهم ومضيعة للوقت للناطقين بالإنجليزية أن يتعلموا أية لغة أخرى في هذه الفترة من التاريخ, في الوقت الذي يلح فيه الطلبة من كل مكان في العالم على تعلم اللغة الإنجليزية? وبصرف النظر عن أي مسوغ قد نقدمه, فإن مثل هذه العوامل هي التي تؤثر في قرارات الطلبة وميولهم. ومن منظور آخر, هل يجب أن نؤكد على مهارات التحدث, أم أن القراءة والكتابة هي التي تحظى باهتمام متزايد من طلبتنا في عصر الإنترنيت والشبكة العالمية? وماذا عن الاستماع والمهارات العابرة للثقافات في عصر سوء الفهم الكبير والمتبادل? هذه هي بعض أنواع القرارات التي تواجهنا, والتي يمكن حلها فقط في بيئة معينة.
من الملح في الفترة الحالية سريعة التغير أن يعرف معلمو اللغة جيداً دارسي اللغة في صفوفهم من حيث: أعمارهم, وخلفياتهم, وطموحاتهم, واهتماماتهم, وأهدافهم من تعلم اللغة, واستعداداتهم للاكتساب اللغوي في محيط رسمي, وأن يستقصوا فرص استعمال اللغة خارج غرفة الصف (انظر المبدأ العاشر), ثم يصممون مساقات اللغة والمواد التعليمية اللغوية التي تلبي حاجات مجموعات محددة. إن مقولة “حجم واحد يناسب الجميع« غير قابلة للتطبيق في عملنا. إن تحليل حاجات الدارسين يجب أن يأتي أولا قبل اتخاذ القرارات بخصوص التوجه ومحتوى المساقات, وهذا سيؤثر في الطريقة التي سوف تقدم بها اللغة, وفي نوعية المادة التعليمية المستمدة منها. تحليل الحاجات هذا يجب أن يعاد في كل ظرف جديد, وكذلك كلما تغيرت جماعات الطلبة فيما قد يبدو أنه سياق ثابت.
في جميع القرارات المتعلقة بتعليم اللغة يتقدم السؤال: مَنْ? (مَنْ طلبتي?) على السؤال ما? (ما نوع المساق أو المواد التعليمية التي يحتاجون إليها?) وهذان السؤالان يحددان السؤال: كيف? (ما هو الأسلوب وما هي التقنيات المناسبة أكثر في هذه الحالة?).
نتيجة 1.2 تعليم اللغة وتصميم المساق سوف تكون متنوعة.
لقد ولت حقاً - أو هكذا يجب أن يكون - أيام أسلوب الكتلة (Monoliyhiv) في مساقات اللغة, الذي يتم فرضه على جميع الطلبة, إذ أن الطلبة يتغيرون وكذلك تتغير حاجاتهم المدركة وأهدافهم, وكذلك حال محتوى مساقات اللغة وتكنيكاتها. توضع برامج اللغة أحياناً كسلسلة من الوحدات المنفصلة في النحو, أو إنتاج الأصوات, أو تطوير مهارات القراءة, أو التعبير المكتوب, مما يمزق نسيج اللغة. إن دراسة إنتاج الأصوات متعلق تكاملياً بالنحو الذي لا فائدة منه بدون الدلالة والعملية Pragnatuc وتؤثر التوقعات الثقافية في الاختيار النحوي والمعجمي, كما تؤثر في الأصوات والعناصر الحركية, وهذه المستويات يتم تعلمها وممارستها معاً بأفضل ما يكون في الاستعمال.
يجب أن ينصب الاهتمام الأساسي في تصميم المساقات الحيوية للغة على المحتوى لكي تتيح تطوراً واندماجاً للمهارات اللغوية الملائمة, حيث يمكن تحسين اللغة المكتوبة من خلال التقارير والمقالات عن التطورات السياسية والاقتصادية في الدولة التي تتكلم اللغة, أو من خلال المراسلة التي كثيراً ما تكون إلكترونيةً هذه الأيام, مع شخص يعرف تلك الدولة بعمق. ويمكن توأمة الصفوف الآن ببساطة عبر المجموعات اللغوية والمناطق الجغرافية للعمل على مشاريع مشتركة بواسطة الكمبيوتر والموديم, كما يمكن ممارسة الأصوات والتدرب عليها من خلال الدراما, أو قراءة الشعر أو كتابته, أو إنتاج برامج إذاعية أو تلفزيونية للبث لعامة المجتمع. لقد كان الأدب والأفكار الذكية للثقافات الأخرى جاذبة لمتعلمي اللغة دائماً. وسرد الرحلات, والسير الذاتية, ودراسات الحالة من عالم الأعمال أو القانون, ودراسات البيئة وحل النزاعات موضوعات أخر مرشحة, وقُدِّمت الأخيرة أحياناً من خلال التمثيل الذي يشغل الطلبة بحيوية. اللغة عربة يجب عدم قيادتها وهي فارغة.
لا ضرورة, كما هي غالباً الاتهامات, أن تكون مساقات اللغة مفتقرة إلى محتوى فكري. وبوصفنا مدرسي لغة فإننا محظوظون في أن أي نوع من المحتويات (فلسفي, أو أدبي, أو علمي, أو تجاري, أو جمالي, أو ثقافي) مناسب لمساق اللغة, طالما أنه يقدم فرصاً من الاتصال, مع استعمال لغوي مشخصن ونشط(2). وحيثما وجد عدد كاف من الطلبة يحقق التنوع, يجب تقديم مساقات متعددة متوازية في كل مستوى, وتسمح للطلبة باختيار المحتوى والأسلوب. وإذا كان هذا التنوع غير ممكن لأسباب لوجستية, يجب توفير محتويات وأساليب مختلفة كلما تقدم الطالب في السياق اللغوي. يحتاج الطلبة الأجانب الذين سوف يستمرون في دراسات متخصصة في لغتهم الجديدة إلى نوع آخر من المساعدة; فإذا كانوا قد جاءوا من أنظمة تعليمية مختلفة جداً فإنهم غالباً ما يحتاجون إلى الإرشاد في تقديم التقارير الشفوية وفي كتابة التقارير عن التجارب, وكذلك في المتطلبات الرسمية لكتابة الأوراق, وبحث قاعدة البيانات, وصياغة السير الذاتية. وبإمكان مدرسي اللغة في مؤسسات كثيرة أن يتعاونوا مع مدرسي مواد أخرى بواسطة تقديم دروس في دراسة الوثائق والمواد النصية الأخرى (مكتوبة أو شفوية) المتوافرة فقط في اللغة المستهدفة; وفي حالات أخرى يُعدُّ المدرسون متعلمي اللغة إلى تدريب في ميادين متعلقة بالمهنة في بلد يتكلم اللغة, ومن المناسب في بعض الحالات لجميع المساقات المتخصصة (التاريخ, والاقتصاد والدراسات الحضارية) أن تُدرَّس باللغة أو لدارسي اللغة بالاندماج مع مساقات مستمرة جنباً إلى جنب مع أبناء اللغة. يجب أن يؤخذ الأمر بعناية في هذه الحالات لملاحظة أن الطلبة, عندما يواجهون دراسة مستوى عال من مادة بلغتهم الجديدة, يحتاجون إلى مساعدة لغوية تدعمهم, وبذلك لا يشعرون أنهم غارقون في بحث قاموسي يائس وترجمة ذهنية إلى اللغة الأولى. هذه التجربة الصادمة تدفع متعلمي اللغة إلى الوراء بشكل ملحوظ في تقدمهم أحياناً وتدمر مهاراتهم الهشة حديثة التطور في التعبير الطبيعي بلغتهم الجديدة.
المحتوى وثيق الصلة بالحياة والاهتمامات ومهنة الطالب المستقبلية تجعل اللغة حية وتوقد الحافزية لاستعمالها بحيوية. دعونا نكون مبدعين في تخطيط محتوى المساق والأنشطة التعلمية لتلبية حاجات القادمين الجدد جميعهم, وبذلك يتعلم الطلبة من خلال العمل, أي من خلال استعمال اللغة بطرق ملحة عقلياً واجتماعياً.
3. يعتمد تعلم اللغة وتعليمها على الاستعمال الطبيعي لها في تبادل المعاني (بالصيغ المنطوقة أو المكتوبة) وهذا هو أساس الاستراتيجيات والتكنيكات.
لكي يَتعلّم المرء اللغة طبيعياً, يحتاج إلى كثير من الممارسة في الاستعمال اللغوي لأغراض طبيعية تخدمها اللغة في الحياة اليومية, وهذا يتناقض مع الأنماط المصنوعة من التدريبات والتمارين التي ما زال يتعرض لها كثير من المتعلمين. إن التلاعب بالأنماط التركيبية في بعض الأنظمة المفترض أنها منطقية في تسلسل غير متماسك دلالياً, لا يُعدُّ المتعلم لاستعمال طبيعي للغة. إن الممارسة اللغوية يجب أن تكون أقرب ما يكون إلى التواصل الحقيقي في الاستعمال قدر المستطاع, وحتى تمارين الممارسة يجب أن تصمم لتثير تبادل المعلومات الجديدة الخاصة بالاهتمامات لدى المشاركين. في عام 1904 لاحظ جاسبيرسون Jesperson اللغوي الدنمركي أن كتب تعليم اللغة تعطي أحياناً الانطباع بأن الرجال الفرنسيين (أو الأمريكيين أو الألمان أو الروس و الإسبان) "يجب أن يكونوا مخلوقات منظمةً تماماً وهم يتكلمون في أحد الأيام بصيغ المستقبل فقط, وفي يوم آخر بصيغ الماضي, وهم يقولون أشياء غير متابطة غالباً, وذلك فقط من أجل أن يكونوا قادرين على استعمال صيغ الخطاب في الفعل(3), التي هي موضوع المناقشة آنذاك, بينما يؤجلون بقصد استعمال الصيغة الشرطية إلى العام القادم". قليل هو ما تغير في مائة سنة كما يبدو.
من المفيد التفكير في الطرق التي نستعمل فيها اللغة في التفاعل الطبيعي, ففي بعض الأحيان يكون الاستعمال عادة عفوياً(4) أو استعمالاً شعائرياً, كما في التحيات التقليدية والرد عليها وفي حديث الحفلات. وفوق ذلك إننا نستعمل اللغة في إعطاء المعلومات الجديدة أو الحصول عليها; وللشرح والمناقشة, أو الإقناع والنصح والوعد أو الرفض; وللإمتاع أو في تهدئة المياه المضطربة في التواصل الاجتماعي; أو في كشف مشاعرنا واتجاهاتا أو إخفائها, وفي توجيه الآخرين في أعمالهم. ونحن نستعمل اللغة في التعلم والتعليم, وفي حل المشكلات, أو الإبداع بالكلمات, وهذه هي فقط بعض استعمالات اللغة. إن القدرة على سهولة توصيل المعاني في فعل هادف ومناسب للمحيط الثقافي هو الغاية الحقيقية لتعلم اللغة, واستعمال اللغة يجب أن يعكس هذه الغاية منذ المراحل المبكرة.
واللغة في التفاعل الطبيعي تتطلب أكثر من تراكيب ومفردات معالجة بدقة ومحكية بأصوات وتنغيم مفهوم, إنها تتطلب كذلك الانسجام مع الصيغ المقبولة في الحديث الطبيعي في داخل الثقافة المرتبطة بها: من الضروري أن يعرف الطلبة كيفية فتح فواصل الحوار وإغلاقها, وكيفية مناقشة المعاني, وكيفية سيطرة بارعة في التحدث, وكيفية إنهاء التردد, وكيفية المقاطعة أو عدمها, وكيفية الإبحار ضمن التحاور, وبذلك يوجه النقاش في اتجاه اهتمام المُحاور. وتتطلب اللغة أيضاً ملاءمة الاستعمال اللغوي للمواقف وللعلاقات الخاصة. وحتى إيماءات ثقافتنا الخاصة يمكن أن تضللنا. جميع هذه الخصائص للتفاعل الطبيعي ذات صلة بالتوقعات الأوسع ضمن الثقافة.
هناك مشكلات عديدة على المدرسين أن يجدوا لها حلاً إذا أخذوا هذ المبدأ بالاعتبار. مثلاً, كيف يشجع المدرس تفاعلاً حوارياً طبيعياً في الصفوف الكبيرة, وخصوصاً بين طلبة تمنعهم تنشئتهم الثقافية من التعبير عن آرائهم بحرية في حضور شخصيات سلطوية محترمة أو أشخاص من الجنس الآخر? بعض الطلبة في ثقافة ما متفتحون واجتماعيون بل ثرثارون, بينما هناك آخرون صموتون أو خجولون, وتعلّم الطلبة في بعض الثقافات أن لا يضيعوا كلمات في تعليقات لا تضيف شيئاً جوهوياً للنقاش, ويجدون أنه من الصعوبة أن يثرثروا في ما لا يستحق, وهذا يقودنا إلى المبدأ الرابع.
4. العلاقات الصفية تعكس المودة والاحترام المتبادل وتسمح لشخصيات كل من الطلبة والمدرسين بتعلم تعاوني في بيئة غير مهددة.
من الواضح أن تعليم اللغات وتعلمها مختلف بوضوح عن تعلم وتعليم غيرها من المواد الأخرى. إن كلام المرء أو كتابته لما يفكر به حقيقة أو ما يشعر به يعني أنه قام بالكشف عما في داخله: مشاعره وأهواؤه وقيمه وطموحاته. ويستطيع المتعلمون في اللغة الجديدة أن يفعلوا ذلك فقط بطريقة تقريبية نوعاً ما وبدون تمييز دقيق, وبشكل مبسط للغة, وربما صيغَ هذا الشكل خطأً, وبذلك يمكن بسهولة أن يعطوا انطباعاً خاطئاً مع هويتهم, أو عمن يريدون أن يفكر الناس أنهم هم. وقد تكون هذه الخبرة مثبطة جداً ومهددة للذات, إن لم تكن صادمة, وكثيراً ما يحاول الطلبة تجنب ذلك. وقد يخاطب متكلم اللغة الجديدة أناساً آخرين بخطاب يفتقر إلى اللطف بسبب جهل الفروق الدقيقة للنظام اللغوي, وبالتوقعات الثقافية والعملية المتصلة بها أيضاً. ومعلم اللغة من غير أبنائها (وهؤلاء يؤلفون أغلبية مدرسي اللغة في العالم), يعاني أيضاً من الشعور بعدم الأمن الحقيقي وقد يتخذ من اللغة الأم ملاذاً كوسيط تعليمي.
وفي منهج رفيع التركيب كمنهج النحو والترجمة أو كالأسلوب السمعي اللغوي الموجه من المدرس, حيث يؤدي الطلبة طبقاً لتعليمات مخططة جيداً وخالية من العواطف, وبتسلسل متوقع, ومبني ليجنبهم الوقوع في الخطأ, يكون الطلبة محميين من الإصابات في تقديرهم الذاتي لأنفسهم. ومن ناحية ثانية, فإنه حالما يحاول المدرس أن يثير أنشطة تفاعلية, حيث ينخرط في ذلك أكثر من ذكاء الطالب وذاكرته, فإن شخصية الطالب كاملة تؤدي دوراً. ويصبح تعلم اللغة كما في اصطلاح كوران Curran "مواجهة الشخصية الموحدة". حيث يحاول الطالب أن يتعامل مع عدة جوانب من اللغةفي وقت واحد (هدف الرسالة, واختيار المفردات والتركيب, والصرف, والتأكيد, والتنغيم ونبرة الكلام) بينما يراقب رد فعل الطرف الآخر ويستعد لتغيير وجهة الرسالة عند الضرورة. وبمشاركة عدد كبير من الأنشطة المعرفية في الوقت ذاته, فمن المرجح كثيراً جداً أن يتلعثم الطالب في بعضها. ذلك العبء المعرفي هو الذي يفسر العدد الكبير من الأخطاء التي يقع فيها الطلبة, حتى وهم يعرفون الشكل المناسب معرفة مثالية تماماً. هذه الهفوات تجعلهم يشعرون أحياناً بأنهم أغبياء في عيون نظرائهم. ولا غرابة أن كثيراً من الطلبة يشعرون بالقلق وبالضغط العاطفي في موقف كهذا. ويواجه الطلبة آلاماً عاطفية وحرجاً وقد يطورون شعوراً عدائياً نحو المدرس كونه مصدر إحباطهم. ولذا يجب أن يكون المدرس واعياً لكثير من العوامل العاطفية في المواجهات الاتصالية التي يمكن إما أن تسبب الكآبة أو تبهج الطالب, بناءً على كيفية التعامل معها. وبالنسبة للطلبة كثيراً ما يأتي التهديد العاطفي من الخوف من ردة فعل الزملاء وكذلك من رد فعل المدرس, ولذلك لا بد من توفير الوقت الكافي للعلاقة بين الزميل وزميله ولتطور ثقة متبادلة وجرأة عندما يتشارك الطلبة في خبرات ناجحة وبالتالي ممتعة.
والمدرسون في المنهج المركب, حيث يتوقع منهم أن يبقوا ضمن حدود المواد التعليمية, يشعرون بالأمان والثقة بأنفسهم, أما في حالة التواصل التفاعلي فيمكن أن يبزغ أي شيء فجأة, وقد يتخذ التبادل الطبيعي مساراً منحرفاً أو انعطافاً غير متوقع, يقود المدرس إلى مناطق مجهولة, مما يزعجه خصوصاً إن كان من غير أبناء اللغة, وقد يتواصل قلقه هذا, حتى وإن تم ضبطه جيداً, مع الطلبة ويضاعف من قلقهم.
تتطلب بيئة تعلم اللغة تفاعلياً أن يصل المدرسون والطلبة, والطلبة فيما بينهم, إلى مرحلة يكونون فيها مرتاحين لبعضهم بعضاً, ومهتمين ببعضهم بعضاً ويحترم كل منهم حدود شخصية الآخر المتأتية من مزاجه. وللوصول إلى هذا التوازن, يجب أن يشعر المدرسون بالارتياح لما يفعلونه, كما يجب أن يكون الطلبة مرتاحين لما يتوقع منهم أن يفعلوا. من الضروري أن يطور المدرسون فهماً واقعياً لعناصر قوتهم ونقاط ضعفهم بصفتهم مدرسين وأفراداً, وأن يختاروا الأساليب والتكنيكات التي تعزف على عناصر قوتهم, ويجب أن يعلموا كذلك إلى أي مدى يمكن أن يذهبوا في العلاقات البينية وكيف يرتبطون بأحسن ما يكون مع الآخرين, وأن يمنحوا أنفسهم الوقت كي يعرفوا طرق طلبتهم في ردود أفعالهم. ويجب أن يكون كل من المدرسين والطلبة راغبين في المغامرة والضحك معاً عندما تسير الأشياء في اتجاه خاطئ, ويجب أن يتخلصوا معاً من الخوف من الفشل (الذي هو حقيقي للمدرسين وكذلك للطلبة).
في الماضي كان كثير من تعلم اللغة محصوراً في النخبة من "الفرع الأكاديمي" الذين أظهروا قدرة على التكيف مع فكرة الاستخلاص المنطقي والتعلم الشفوي للنمط المطلوب في الوضع المدرسي, مثلاً من أجل دراسة القواعد, وتوظيف قوانين النحو في تمارين الإنشاء, وترجمة النصوص الأدبية. وقد تم اعتبار هؤلاء الطلبة أن لديهم نسبة عالية من الذكاء كما قيست بوضوح في الاختبار الشفوي. أما في السنوات الأخيرة, فقد لفت هاورد جاردنر Haward Gardner انتباهنا إلى وجود "أنواع مركبة من الذكاء": لفظي, ورياضي منطقي, ومكاني, وحركي, وموسيقي, وذاتي, وبيني. والآن فإن التأكيد هو على تعلم اللغة لجميع الطلبة, ويجب أن نفكر في طرق لتمكين الطلبة الأقوياء في أي واحد من هذه المجالات لتوظيف الأنواع الخاصة من ذكائهم في مهمات تعلم اللغة, ولرؤية أن إجراءاتنا للتقييم تتيح لهم فرصالإظهار تقدمهم في استخدام اللغة من خلال وسائل أخرى غير الاختبارات الكتابية. (انظر المبدأ الثامن أيضاً).
ولأجل التفاعل الذي يؤدي إلى التواصل باللغة (وعلى الرغم من أن معاني كثيرة تم التواصل بها بدون لغة مشتركة) يجب على كل من المدرسين والطلبة توفير مناخ غير مهدد للتعلم التعاوني. وفي النقاش حول التعلم التعاوني يتم أحياناً حصر المصطلح, دون ضرورة, في تعلم المجموعات الصغيرة. يتعلم كثير من الطلبة جيداً في مجموعات صغيرة, والحال ليس كذلك لدى آخرين, وهناك متسع لجميع أنواع الأوضاع التعلمية: المجموعة الكبيرة, أو المجموعة الصغيرة, أو العمل الثنائي, أو الدراسة الفردية. يقتضي التعلم التعاوني مشاركة كاملة من الطلاب في التخطيط وفي عمل اختيارات فعالة. إن جور التعلم التعاوني هو في التوجه: إنه يتطلب قبول الاختلافات البينية والرغبة في المشاركة وتسهيل تعلم لآخرين بأي الطرق أكثر ملاءمة. ويجب أن يكون المدرسون مدركين أن الطلبة من ثقافات محددة ربما يألفون فقط أسلوباً تنافسياً في التعلم موجهاً من المدرس, وسوف يحتاج هؤلاء الطلبة إلى شرح هذا الأسلوب الجديد وإلى فترة أولية للتعود قبل أن يكونوا مقبلين كلياً وعن رغبة في وضع تعلم تعاوني.
الجو غير المخيف لا يعني أن المدرسين والطلبة يجب أن يكونوا مبتهجين بشدة ومسرورين كل الوقت, فبعض المدرسين, وكذلك بعض الطلبة, متحفظون ويحتاجون إلى الوقت ليسترخوا مع الغرباء. إنا نحب ونحترم ونثق بالناس من شخصيات متنوعة جداً, وكلّ له مساهمة يقدمها في جو تعاوني, ولكن ليس جميع الطلبة ولا جميع المدرين يرغبون في التفاعل مع بعضهم على المستوى العميق, وهذا يجب أن يحترم. "في التعلم التعاوني يمكن أن ينجح الجميع لأن لدى كل واحد شيء فريد ليسهم به في المشروع, ولأن النجاح ليس معياراً خارجياً بُنِيَ لكي يقصي, بل هو المنظور الفردي لنيل هدف ذاتي الاختيار.
5. أساسيات الاستعمال اللغوي هي معرفة اللغة والسيطرة عليها.
نقطة البدء في استعمال اللغة هو التمثيل الذهني لكيفية عمل تلك اللغة. إننا نحتاج إلى أسس محددة لمعرفة منظمة لكي نكون قادرين على استعمال اللغة, بصرف النظر عن محدودية تلك المعرفة. إننا لا نستطيع أن نتعلم كل ما نرغب فيه في الوقت نفسه من أجل أن نعبر باللغة عن شيء واحد, فهناك عدد غير محدود من الجمل المحتملة التي قد نرغب في التكلم بها, غير أن كل واحدة منها ذات إطار بنيوي يمكن استخدامه لنقل العديد من الرسائل الأخرى. ينظم العقل البشري ويرتب المادة ليجعلها قابلة للمعالجة, وهذا التنظيم أساسي لتمثيلنا الذهني للغة. إننا لا نستطيع استعمال اللغة بدون مثل ذلك التمثيل الذهني لأن الاستعمال اللغوي المفهوم في أي مستوى محكوم بالقوانين; وبكلمات أخرى, فلكي نفهم ونُفهِم لا نستطيع استخدام عناصر اللغة الجديدة كيفما اتفق, بل إننا نحتاج إلى نموذج تركيبي داخلي محكم كخطة توجه تكتيكاتنا.
جميع اللغات منظمة في مستويات متعددة (صوتي, وتركيبي, ودلالي, وعملي) وتتفاعل هذه الأنظمة الفرعية المتنوعة ضمن التمثيل الذهني. إن التركيب النحوي والمفردات, وهي ذات علاقة داخلية في عملها, تقدم الأدوات للتعبير عن المعنى الدلالي والعملي. وكما يعبر هاليدي Halliday عنها: يتألف الواقع من الاستمراريات في الفعل والحدث والشعور والكينونة ويتم تصنيف هذه الاستمراريات في النظام الدلالي للغة, ويتم التعبير عنها في نحو العبارة."وحالما أضفينا صفة ذاتية على أساسيات هذا المنظومة للغتنا الجديدة (اللغويون يعملون جاهدين لتنظيم التفاصيل وحتى أبناء اللغة ما زالوا يتعلمون إمكانياتها) فإننا نكون قد تحررنا للتعبير عن عدد وافر من المعاني.
يتعلم راقص الباليه خطوات أساسية وبعد ذلك يمكن أن يطير, ويتعلم العلماء مبادئ أساسية ويمكن فيما بعد أن يبنوا معرفة جديدة: يجربون, ويطبقون, ويفكرون إبداعياً. ربما لا يفهم العلماء المبادئ تماماً, فالأبحاث مستمرة دائماً, وقد تثير نتائج أبحاثهم الشك حول بعض تلك المبادئ أو حتى تدفعهم لإعادة هيكلة مفهومهم عن الإطار الأساسي, ولكن الإطار الأساسي موجود ليعاد تفسيره. علماء اللغويات يواصلون بحث التركيب اللغوي, وربما يقترحون نماذج جديدة أو تنويعات للنماذج الموجودة لشرح ما هو موجود, ولأنهم لا يستطيعون إعادة بناء موضوع دراستهم: يمكنهم فقط إعادة تفسير عمل الإطار الأساسي أو الهيكل العظمي للغة.
هل المشكلة في تعلم اللغة هو الوصف اللغوي غير المكتمل أو غير الكافي للتركيب اللغوي? تعلَّمَ الناس اللغات لآلاف السنين في انتظار اكتشاف نموذج مطلق وملائم لما يتعلمونه ووصف ذلك النموذج, تماماً كما زرعوا المحاصيل وكما أشعلوا النيران, بدون فهم تام للعمليات المسببة لتلك الظواهر. ما يحتاجه متعلمو اللغة هو نموذج ذهني عملي للتركيب اللغوي للغة معينة يعمل من أجلهم لإنتاج خطاب ذي مستوى أساسي يوصل معانيهم; فحاجاتهم الحالية تتجاوز انتظارهم قرارات نهائية من الباحثين اللغويين حول نموذج تركيبي سوف يصف بأحسن ما يكون العمليات الداخلية للإطار الأساسي. يتكلم شومسكي Chomsky عن السلوك اللغوي كونه محكوماً بالمعرفة الفطرية الملازمة لقوانين القواعد الكونية, مع قيم الأطر التي وضعت طبقاً للغة التي يعمل الفرد ضمنها; ويتكون الإطار التنظيمي من النواة أو العمود لفقري الأساسي الذي تبنى عليه اللغة, ومن محيط من الاستثناءات المميزة التي أضيفت إلى النواة على أساس خبرة محددة. هذا واحد من أوصاف التمثيل الذهني, وهناك أوصاف أخرى. إن المشكلة الحقيقية لمتعلم اللغة هي وضع قيم لأطر التمثيل الذهني للغة الجديدة. كيف يمكن تحقيق ذلك بفعالية قصوى وباقتصاد, ذلك هو موضوع بحث لعلماء اللغة التطبيقيين, وهو بحث يستطيع المدرسون في الصفوف, والذين يراقبون طلابهم يومياً, أن يسهموا فيه برؤى واضحة.
لا يمكننا استعمال اللغة بدون أي نوع من التمثيل الذهني للإطار الأساسي أو الآلية, مهما كان ذاتياً غَريباً; وهذا ما يجب أن نطلق عليه المعرفة اللغوية. يمر المتعلمون عبر سلسلة من القواعد المؤقتة في مراحل مختلفة من العملية التعليمية, وبذلك يقومون ببناء نموذج وظيفي أو يؤسسون قيم أطر اللغة الجديدة, بمفهوم شومسكي Chomesky يستطيع المدرسون مساعدة الطلبة ليكتسبوا فهم هذه الآلية الأساسية الكافية ليمكن لهم استعمالها في مراحل معينة من تطورهم, ومن تنقية هذا الفهم أكثر كلما تقدموا, وبدون مساعدة الخبير سيكتسب الطلبة نوعاً من التمثيل الذهني, وأحياناً يدمجون هذا التمثل الذهني عناصر من التمثيل الذهني للغتهم الأولى أو أية لغة أخرى, وبالمساعدة سيكتسبون سريعاً تمثيلاً ذهنياً هو أقرب إلى نموذج اللغة المستهدفة الأم. وقد أظهرت سنوات من الخبرة مع دارسين للغات كثيرة في معاهد اللغة التابعة للحكومة الاتحادية, التي تضم الطاولة المستديرة للغة داخل الوكالة (Language Roundtable)(5) أنه عندما يحاول متعلمو اللغة التعبير عن مرادهم بحرية بدون بنية تركيبية صلبة, فإن "استراتيجيات التواصل الخاطئة... ترسُّخ النماذج غير الناضجة" وبذلك يصبح "التعديل اللاحق أو التصويب الجوهري صعباً إلى حد الاستحالة, بصرف النظر عن الموهبة الفطرية أو الحافزية العالية التي قد يكون الفرد قد أتى بها أصلاً إلى المهمة". وحتى دقة بناء العبارات ذات المعنى مهمة للتعبير الطليق عن المعاني التي سوف يفهَمها ابن اللغة.
يكتسب الطلبة هذه الدقة من التعبير من خلال ممارسة القوانين اللغوية, وليس من خلال حفظها أو مناقشتها, وتُكتسب معرفة العلاقات الداخلية المنظمة التي تشكل البناء اللغوي بفعالية بالاستعمال في سياق تواصلي, وبهذه الطريقة تصبح جزءاً من الجهاز الذهني للمتعلم (يصبح لها صفة ذاتية) ويمكن استدعاؤها بسهولة مرات عديدة حتى بدون التركيز الواعي بغرض التعبير عن المقاصد الذاتية أو للفهم أو إعادة خلق المعاني التي يحاول الآخرون توصيلها. ويمكن أيضاً إعادة فحصها بوعي, إن كان هناك حاجة لإعادة تفسير احتمالاتها. وكما لاحظ وليم جيمس William Jame"الخبرة ليست مجرد خبرتك ما تأتي إليك, والحقائق ليست مجرد بيانات, إنها البيانات التي تستجيب لها, وخبرتك تشكلت باستمرار بواسطة أفعالك".
ويعبر شاروود سميث Sharwood Smith بإيجاز عن هذه الضرورة لممارسة القوانين عندما يقول: "مهما كانت وجهة نظر العمليات المهمة في تعلم اللغة الثانية... فإنه من الواضح تماماً ولا خلاف عليه أن معظم الأداء التلقائي يتم الحصول عليه بفضل الممارسة. وفي مساق لممارسة حققية للغة المستهدفة يكتسب المتعلم السيطرة الضرورية على تراكيب اللغة إلى حد أنه سوف يستخدمها بسرعة وبدون تفكير". وقد أظهرت التجربة في السويد أن ممارسة الأداء يكون أكثر فاعلية عندما يشمل كلاماً أنشأه الطالب, والذي يشكل ردَّ الطالب على البيانات في مفهوم جيمس ,Jamesويشكل تدريجياً التمثيل الذهني للطالب.
ممارسة القواعد إذن تقدم الجسر الطبيعي لاستعمال تلك القواعد لخلق الرسائل الذاتية وهو ما يجب أن ندعوه السيطرة على اللغة. إن السيطرة على اللغة تتضمن بالضرورة القدرة على فهم الرسائل وكل متضمناتها في السياق الاجتماعي والثقافي مُفَسِّرة نغمة الصوت, والتأكيد, والتنغيم, والحركة, بالإضافة إلى الكلمات والتراكيب الحقيقية. إن التعبير يتضمن أكثر من الدقة التركيبية, إنه يتطلب الملاءمة التركيبية أيضاً في سياقات الاستعمال وفي العلاقات المقررة ثقافياً. وعندما يتم الوصول إلى درجة من السيطرة اللغوية, تستعمل اللغة "كوسيط سيشمل الفكر والتصور والتخيل لدى المتعلم".
6. تطور السيطرة اللغوية يتقدم بواسطة الإبداعية المغذاة بالأنشطة المشتركة.
الهدف النهائي لطلبتنا هو أن يكونوا قادرين على استعمال اللغة التي يتعلمونها في تحقيق أهدافهم الخاصة بهم, وليعبروا عن مقاصدهم, وهذا يعني تكوينهم لصيغهم الخاصة بهم ليعبروا عن نواياهم. هذا الاستعمال للغة هو استعمال خلاق, وليس تقليداً, وقد أكد منظرو تعليم اللغات, واللغويون, وعلماء اللغة النفسيون على ذلك لسنوات, ومع ذلك ما زال كثير من مدرسي اللغة يُدرِّسون وكأن الاستعمال تقليد وتكرار أو إعادة بناء أو تغيير لمعاني الآخرين في تمارين تكون هي نهاية المطاف من تعلم اللغة. وفي عام 1966 لفت شومسكي Chomsky بقوة انتباه مدرسي اللغة إلى حقيقة هي أنَّ "السلوك اللغوي" العادي يتضمن إبداعاً مميزاً, وتشكيلاً لجمل جديدة وأنماط جديدة. وهذا ما وصفه بإيجاز بأنه "الجانب الإبداعي" للاستعمال اللغوي الطبيعي". وتنطبق هذه الإبداعية إلى حد بعيد على الاستماع والقراءة بقدر انطباقها على التكلم والكتابة, كما أشار إلى ذلك النفسيون منذ وقت طويل. وقد اقتبس بلومنثال Blumenthal عن وندت Wundt، مثلاً, ما لاحظه الأخير في عام 1912 من أن "عقل السامع نشيط تماماً في التشكيل والخلق كما هو عقل المتكلم".
إن ابتداع كلام جديد بلغة يسيطر الشخص عليها جزئياً فقط ليس أمراً سهلاً. ولأن كثيراً من الأنشطة المعرفية متضمنة, كثيراً ما يعاني متعلمو اللغة من العبء المعرفي: إنهم يتوقفون ويترددون, (كلتا الظاهرتين طبيعيتان في كلام أبناء اللغة) وهم يخطئون في استعمال عناصر في اللغة الجديدة وهم يعون القوالب المقبولة (حتى في اللغة الأولى فإننا نقع في هفوات لسان أحياناً عندما نركز على رسالتنا), حتى وهم يصوّبون أنفسهم أو يتركون الخطأ, اعتماداً على الموقف وعلى الوقت المتاح. تميل مناقشات الاهتمامات الحقيقية إلى الانحراف في اتجاهات مختلفة, طبقاً لفهم وانخراط المحاور الذي تصبح ردوده غير متوقعة, وهذا يمكن أن يكون مربكاً, وبالتالي كثيراً ما يواجه متعلمو اللغة حرجاً أو يشعرون بالإهانة بسبب عملهم الضعيف, وربما يوقفون محاولاتهم لصياغة كلام لأن الجهد المطلوب منهم كبير جداً.
وفوق ذلك لا يستطيع الطلبة أن يكتسبوا براعة في التعبير عن مقاصدهم باللغة الجديدة بدون خبرة كبيرة تنحصر في التعبير. هذا النمط من الخبرة يُكتسب في أوضاع تفاعلية تثير حافزية الطلبة على التواصل. ومن أجل أن تكون هذه الحافزية معززة وباقية تحتاج الأوضاع التفاعلية إلى أن تكون منظمة جداً بحيث يكون احتمال تهديد الذات والإحباط متدنياً. ومن خلال الأوضاع التفاعلية التي تثير الرغبة في التواصل, يمارس الطلبة استعمال اللغة الجديدة كمهارة اجتماعية مهمة, وينجحون في توصيل معانيهم وثيرون رد فعل يشجعهم في البحث عن نجاح أكبر.
كيف يثير المرء التفاعل?
يشجع المرء الأنشطة الجماعية التي تجذب انتباه الطلبة, وبذلك يصبحون منخرطين وأحياناً مبتهجين عندما يستعملون اللغة. إننا نستعمل الكلمة "يشجع" لأن كثيراً من هذه الأنشطة سوف ينشئها الطلبة, وعندما ينشئها المدرس, يجب أن تكون معززة ومطورة من الطلبة. كثيراً ما تجري هذه الأنشطة الهادفة والموجهة لمهمة ما من خلال نقاش بين زميلين أو في مجموعة صغيرة وبالتفصيل. بعض المدرسين يترددون في تشجيع هذه الأنشطة لأن الطلبة سيقعون حتماً في الأخطاء, كنتيجة لمحاولات حقيقية للتعبير عن الذات باللغة, وهكذا بوصفها فرصاً لتعلم أكبر. إن الخبرة التي يحصل عليها الطلبة في إبداع الكلام الذي يحمل معانيهم الشخصية والثقة التي تولدها, كلها حيوية لاستعمال تلقائي للغة. وعندما يعمل الطلبة في مجموعات تعلمية متعاونة , فإنهم يتعلمون من زملائهم ويساعدون بعضهم بعضاً, بمساعدة المدرس عندما يشعرون بالحاجة إليها.
الأنشطة قد تكون فكاهية أو جادة, كالألعاب, والمنافسات والطرائف, والتمثيل, والدراما التي تحفز الخيال والتواصل التلقائي, وكذلك أنشطة حل المشكلات, ونقص المعلومات, وكذلك أنشطة الحصول على المعلومات, وهي أنشطة تستدعي المثابرة والتحقق كلما أصبح الطلبة منخرطين ذهنياً للوصول إلى الحلول. وعندما يتعاونون في مهمة فإنهم محفوزون لاستعمال اللغة مع بعضهم, وخصوصاً إذا وضع ذلك بشكل مستمر أمامهم بصفته هدفاً. تلك الأنشطة التفاعلية قد تتصل بمضمون سبقت دراسته في اللغة, سواءً أكان مضموناً أدبياً أم فلسفياً أو علمياً أو تجارياً أو اجتماعياً: قد يعمل الطلبة في مجموعات لجمع المعلومات, أو لعمل تجربة, أو لتطوير حلول بديلة لعدة أعمال أدبية من أجل مزيد من الفهم لهدف الكاتب, وربما يستعملون أسلوب دراسة الحالة لاستقصاء الجوانب القانونية والاقتصادية للمجتمع الذي يستخدم اللغة, وربما يعدون وجبات طعام وفقاً لأسلوب الطبخ في البلاد التي تتكلم تلك اللغة, أو المشاركة في أنشطة اجتماعية مناسبة لتلك الثقافة, وربما يطورون المسرحيات أو البرامج الإذاعية أو التلفزيونية أو المسلسلات أو أشرطة الفيديو, أو أن يشاركوا في جدال على الإنترنيت, وقد يكتبون شعراً يناقشونه مع بعضهم بعضاً, أو يعدون مواد ترفيهية للطلبة في الصفوف الأخرى, أو للآباء أو للجمهور. وفوق ذلك يجب أن تكون هذه الأنشطة التفاعلية هادفة وليست لملء الوقت فقط, ويجب أن تتضمن مهمة محددة بوضوح لتوجيه استخدام الطلبة للغة, ولتؤدي إلى الشعور بالرضى عن الإنجاز. بهذه الطرق يتعلم الطلبة عن طريق العمل.
في الاستعمال اللغوي "الإبداع الحقيقي يعني عملاً حراً ضمن نظام القواعد", كما عبر عنه شومسكي. وعندما يتوفر للمرء تمثيل ذهني عملي لنظام قواعد اللغة, يمكنه أن يخرق تلك القواعد, مستعملاً اللغة بطرق غير تقليدية ليجعل مراده أكثر حيوية وتعبيراً, ومستعملاً اللغة بكل ما فيها من غنى ومرونة, وهذا يُظهِر السيطرة على اللغة.
7. استعمال كل وسيلة معينة ممكنة من أجل المساعدة في التعلم.
في عام 1966 أكد كارول Carroll أنه "كلما كثرت أنواع الروابط التي صنعت لعنصر ما, كان تعلمه والاحتفاظ به أفضل". في التفاعل الاتصالي يجب أن يجتذب متعلمو اللغة جميع أنواع العناصر غير المتوقعة ليعبروا عن مقاصدهم, كالعناصر التي تعلموا في اليوم السابق, وحتى العناصر التي تعلموها فياليوم الأول الذي اتصلوا فيه باللغة, وما كانوا قد تعلموه من اللغة يجب أن يؤسس بقوة في شبكة ذاكراتهم بكثير من المثيرات الرابطة, لكي يصبح متوافراً بسهولة من أجل التقدير في الكلام أو الكتابة حيناً, وفي حالات أخرى من أجل استرجاع الاستعمال الفعال.

السياق عامل مهم في التذكر وكذلك فإنه دليل إلى المعاني الممكنة والملائمة. والسياق, وهو ما يجب تذكره, قد يكون لغوياً أو غير لغوي, وقد يكون شفوياً أو مرئياً أو حركياً أو لمسياً, وقد يكون عاطفياً أو متعلقاً بالوضع (أحياناً يدرك بوصفه ملائماً فقط بواسطة الأفراد أنفسهم). إن تعليم اللغة أو تعلمها الذي يحصر نفسه أساساً في العرض والممارسة في شكل واحد (مثل الأسلوب المرئي في منهج القواعد والترجمة التقليدي) لا يعد الطلبة لمنظومة كاملة لسياقات قد تتكرر فيها العناصر. ولهذه الأسباب يجب أن يستدعي التعلم التفاعلي كل أنواع الخبرات لتعزيز ما تم تعلمه: رد فعل بدني, ومدخل شفوي, وناتج منطوق, ومواد للقراءة, وتعبيرات متكوبة, وأحاجي مفردات, وعملية استدعاء ما قُصد, ومعالجة الموضوعات (في عرف بيستالوزي Pestalozzi (6) وتفسير الصور, وتمثيل المشاهد, والموسيقى, والأغنية, والرقص, ومهمات هادفة (مثل صنع أشياء, وإعداد أشياء وأكلها) والإيماءات, وتعبيرات الوجه, والوقفة الاتصالية وهكذا ويؤكد جاتجنو Gattegno أهمية التنفس والحركة, ويؤكد لازانوف Lazanov التأثير الموحي للرسم والموسيقى, ويؤكد آشر Asher العلاقات الحركية البدنية, وكذلك يؤكد تيريل Terrell المثير العاطفي, ويدعو كوران Curran إلى انخراط "الشخص كله".

في الوقت الحالي من الممكن جداً أن تتوافر للمتعلمين خبرة لغوية متنوعة أكثر من الماضي: أن يروا ويسمعوا ويعيشوا اللغة بكل أنواع الطرق. لم يعد المدرسون محصورين في الكتاب والسبورة وجهازهم الصوتي, أو الصورة أو اللوحة المعبرة عن مناسبة ما, وبعض الأشياء الأخرى للتعامل معها لاختلاق المدلولات. في البداية جاء المسجل الحاكي ثم الراديو والفلم والتلفزيون والشريط الممغنط (على بكرة ثم في شريط) ثم شريط الفيديو ثم الكمبيوتر وإمكانيات القرص المدمج المرئي, ثم القرص المدمج, والإنترنت وكذلك آلة تصوير الفيديو النقالة لتسجيل أداء الطلبة وتقييمه في داخل الصف وخارجه. وانتقلنا من مرحلة السرعة في توافر الجرائد والمجلات والأفلام بلغات أجنبية, نحو المادة المسموعة والمرئية المرسلة بواسطة الأقمار الصناعية, وإمكانية تنزيل المواد المتنوعة الغزيرة معرفياً وثقافياً من حول العالم عن طريق الكمبيوتر والموديم, ولذا يستطيع الطلبة أن يتواصلوا مع الناطقين باللغة من أبنائها في أي وقت من النهار أو الليل عن طريق الكمبيوتر الخاص بهم بواسطة البريد الالكتروني وغرف الدردشة. وقد تزايدت برامج تبادل الطلبة, ومعظم المدارس, حتى في المواقع المعزولة, لديها الآن بعض الاتصالات بزائر من أبناء اللغة, وكل وسيلة جديدة قدمت فرصاً إضافية للمدرسين ليقدموا علاقات متعددة مع اللغة كما استخدمها أبناؤها, كما تقدم رؤى بخصوص طرق تفكير أبناء اللغة وردود فعلهم, وكذلك تقدم فرصاً للطلبة ليروا ويسمعوا أنفسهم عندما يحاولون استعمال اللغة بطرق أصيلة.

في عام 1921 دعا بالمر Palmer وهو أكثر علماء أساليب التدريس تأثيراً إلى "أننا نختار بحسن تمييز وبدون تحيز كل ما يغلب عليه أن يساعدنا في علمنا;" وقد دعا هذا بـ "تعدد مصادر الأسلوب"(7). الآن هو وقت المدرسين لكي يبحثوا ويجربوا ويستعملوا بحنكة الإمكانيات الكبيرة لزيادة التأثير اللغوي لصالح المتعلم وليزيدوا فرص التفاعل, من أجل زيادة الحافزية للتواصل فيما بين طلبتهم. المدرسون البارعون القلائل المتناثرون الذين يدرسون لغة لا تُدرَّس كثيراً يمكن أن يمتدوا بتعليمهم إلى أكبر عدد من الطلبة بواسطة التلفزيون والأقمار الصناعيةوشبكات الكمبيوتر في التعليم عن بُعد, وأحياناً يتم إكمال ذلك بحوار فردي هاتفي مع المدرس. والذين يتعلمون ذاتياً والطلبة البعيدون عن مدرسيهم لديهم الآن حرية الوصول إلى كثير من المزايا المماثلة للاتصال اللغوي مثلهم مثل أولئك الذين هم في مواقع رسمية, ويمكن أن يوسع الطلبة بمبادرتهم اتصالاتهم باللغة دون انتظار المساعدة المنظمة.

وبالرغم من هذه الفرص السابقة للاتصال باللغة, التي لم يحلم بها أحد في الماضي, فليس كل ذلك إشراقة شمس وسعادة في أرض تعلم اللغة. إننا نعود إلى عبارة بالمر Palmer "نختار بحسن تمييز" فكثير مما هو متوافر ظاهرياً لكي "يساعدنا في عملنا", لا يحفز أو يشجع ذلك التفاعل الذي يؤدي إلى التواصل اللغوي. ويجب تكريس كثير من الاهتمام والوقت والجهد لما يمر عبر الأمواج الهوائية أو المخزون في قرص, أو فلم أو شريط. مقولة "نفايات داخلة وأخرى خارجة"(8) ما زالت حقيقة كما كانت دائماً, والوقت سلعة ثمينة. إن المواد التي لم تدمج بطريقة ما في الخبرة التعلمية المستمرة للطالب (المادة التي لا يمكن الوصول إليها مثلاً أو بسبب مستوى الصعوبات) قد تكون خانقة ومحبطة. يجب أن يفكر المعلمون بعمق شديد في كيفية استخدامهم لهذا التنوع للمواد التي يغلب عليها الحفظ أو يساعدون الطلبة في استخدامها, وكذلك التأكد من أنها ستزيد من فرص التعلم وتُحسِّن نوعيته. كلمة السر لنا جميعاً هي التحذير مما "نشاهده الآن".
ستة مجالات تحتاج إلى عناية فائقة إذا كنا نريد استخلاص أكثر الفوائد من التطور الحالي السريع للمصادر لصالح متعلمي اللغة. بالنسبة للمتعلمين كما الأمر بالنسبة لنا فإن حرية الوصول إلى الفوضى يمكن أن تكون مربكة أكثر مما هي معززة.
1) بأي الطرق تتوافق البرامج المتوافرة للاستخدام في التقنيات الحديثة مع أهداف المساقات ومحتواها وأساليبها? تلك المشكلات التي نشعر أن طلبتنا يحتاجون إليها في ضوء الأهداف التي وضعوها هم أنفسهم?
2) ماذا يمكن أن تحقق المساقات المبينة على التقنية بوصفها وسيلة مساعدة للتعلم ولا يمكن تحقيقه بوسائل أخرى بتكاليف أقل, مالياً وزمنياً وجهداً? (وبكلمات أخرى, كم هو ما يكفي لتعزيز التعلم?).
3) كيف يمكن أن نضمن أن المدرسين يتعاونون بصدق وبروية في دمج أحدث المصادر التقنية في برنامج اللغة, وفي تسهيل حرية وصول كل طالب إليها? (هل نقدم لهم توجيهاً كافياً وندربهم ونعيد تدريبهم لتعزيز ثقافتهم وخبرتهم?).
4) هل لدينا إثباتات بحثية على أن دمج أحدث المعينات التقنية يؤدي إلى تعلم لغوي أكثر كفاية وإلى استعمال لغوي عال, وهل نقوم بتعديلات دل عليها ما تم تعلمه إلى الآن?
5) كيف نعدل تصميم مساقنا, وموادنا التعليمية, وتعليمنا, لندمج ونكمل بشكل مفيد جداً ما يصل إليه الطلبة خارج غرفة الصف? (انظر كذلك المبدأ العاشر).
6) ما هي الخطوات التي يجب أن نتخذها لنضمن أن المدرسين الذين كرسوا وقتاً طويلاً وجهداً وخبرة لتطوير مواد تعليمية فعالة مستعملين وسائط حديثة قد تم تقديرهم وتعويضهم بشكل مناسب عن هذه الجهود?
7. الاختبار يساعد على التعلم:
كثيراً ما كان الاختبار قصاصاً. يصبح الطلبة عصبيين إزاء الامتحان الذي غالباً ما يكون بحثاً للكشف عما لا يعرفه الطلبة أو ما لا يستطيعون تذكره فوراً, بدلاً من تزويدهم بفرصة ليظهروا للممتحنين ولأنفسهم ما يستطيعون فعله باللغة. ولسوء الحظ, فإن كثيراً ممن يكتبون الاختبارات, يركزون على تفاصيل اللغة, وينظرون إلى زلات صغيرة أو على معرفة مدى إلف الاستعمالات النحوية النادرة بدلاً من تركيزهم على الجوانب الأوسع للاستعمال اللغوي المفهوم والمقبول. (هل هذا هو السبب فى أن المدرسين يحتاجون إلى مفتاح للإجابة ليساعدهم في تصويب الاختبارات?) يجب أن نعمل بكل وسيلة ممكنة للتقليل من مستوى القلق والخوف المرهق الذي يعاني منه كثير من الطلبة في حالة الاختبار.
1) بدلاً من كونها إجراءً استثنائياً ترتيبياً(9) يجب أن تركز الاختبارات على تمكين جميع الطلبة من إظهار ما يمكن أن يفعلوا بأي مستوى يملكونه من اللغة, بهذه الطريقة يكون الاختبار دليلاً للطلبة, وكذلك للمدرس, إلى ما كان الطلبة قد استوعبوه بما فيه الكفاية لكي يكون قابلاً للاستعمال لأغراض اتصالية حقيقية, في الكلام أو الكتابة, حينئذ يصبح الاختبار مساعداً وليس عقبة خادعة مقصودة.
الاختبار المكيف للحاسوب مفيد في هذا المجال; فالحاسوب مبرمج لكي يبحث من خلال اختيار عناصر مقدمة له, عن المستوى الفردي لأداء الطالب وللتحقق من صحة هذا المستوى من خلال اختبار إضافي, منهياً الاختبار عند اتخاذ قرار بذلك, وبذلك لن يكون الطلبة عرضة للإحباط من عناصر متعددة تفوق معرفتهم وقدرتهم. إن فحص التحقق من الصحة يقلل أيضاً من إمكانية خطأ القياس الذي يمكن أن يتسلل بصورة أكبر مع أسلوب الإصابة أو الخطأ, آخذين في الاعتبار أن هذا الفحص يعيد جولة الاختبار حول مستوى محدد.
2) الاختبار نفسه يجب أن يكون خبرة تعلمية هي جزء من المساق المتواصل. وإذا كان الاختبار يقوم بدور الدليل للطالب وكذلك للمعلم, فلا يمكن أن يكون نهائياً, وسوف يعيد الطالب التعلم ويعزز تصحيح ما كان قد وجد أنه محتاج إليه أو ما أخطأ في فهمه, وبعد ذلك تكون لديه فرصة ليعيد الاختبار (لا أن “يعاد اختباره« ما دام القرار تطوعياً) لكي يرى كيف يتقدم التعلم. وباختصار, إن الاختبار يحفز على تعلم أكبر. هذا الأسلوب في الاختبار يخفض من العنصر العاطفي الضاغط الذي يتحيز ضد الطلبة الذين هم من أمزجة معينة عندما يواجهون شخصية مقررة المستقبل نهائياً في يوم الاختبار الحالي.
3) ليس من المبالغة التأكيد أن الاختبار يجب أن يعكس أهداف المساق, والتي كما رأينا في مناقشة المبدأ الثاني, أنها يجب أن تعكس أهداف الطالب. لوقت طويل جداً علَّمْنَا وتعلم الطلبة شيئاً ما وركز الاختبار على شيء آخر, كأن يكون المساق ذا توجه شفوي بينما يكون الاختبار كتابياً بالكامل, ويتم هذا في أغلب الأحيان لأننا عولنا على نوع من الاختبار سهل الإعداد والتصحيح, وبالتالي تم وضع مجموعات كبيرة في العصّارة نفسها لراحتنا. وعندما لا يكون الحال كذلك, تكون المشكلة غالباً لأن شكل الاختبار معروف جيداً للمدرس والطلبة, ويصبح المعلم "يدرس للاختبار", ولذلك سوف يؤدي الطلبة أداءً جيداً في الامتحان مها كانت قوتهم أو ضعفهم اللغوي, وبالتالي نضع الحيلة فوق الأهداف التربوية, ويصبح الاختبار هو الغاية النهائية للمساق في أذهان الطلاب وحتى عند بعض المدرسين. لا يمكن تجاهل التأثير المرتد Wash Back الناتج عن شكل الاختبار لتصميم اختبار مناسب لمساق معين بحيث يشجع (الاختبار) سلوكاً تعلمياً مرغوباً فيه, بينما يمكّن الطلبة من إظهار سيطرتهم على ما يتعلمونه. إن بناء الاختبارات عملية تتطلب ليس فقط الوقت والجهد ولكن التفكير العميق.
4) الاختبار يجب أن يكون مثيراً, ويجب أن يستمتع الطلبة بعمله. إذا بذل التفكير في وضع الاختبار الذي يشغل الطلبة في حل مشكلات مثيرة, وفي الفهم وفي فهم الأفكار المثيرة والرد عليها, وفي التعبير عن أفكارهم الذاتية, أو على الأقل في إنتاج بعض أشكال الاستجابة الحقيقية, وإذا سئل الطبة أن يقوموا بالمبادرة بطريقة تمكنهم من إظهار درجة إجادتهم للتفاعل في اللغة, تكلماً أو كتابة. حينئذ سوف يكون الاختبار حافزاً ووسيلة لنمو الطلبة. يجب أن نكون حذرين من طرق اختبار الجماعات التي توفر الوقت ولكنها تجبرنا على اختبار نقاط منفصلة جداً عن بعضها, مما يشجع على تعليم يركز على النقاط المنفصلة.
5) الاختبارات يجب أن لا تكون مضبوطة بتوقيت صارم. إن الصورة القديمة لمراقب الاختبار الذي يجبر الممتحنين على التوقف وسط الجملة لأن "الوقت انتهى" يجب أن تكون ملغاة, لأنها منافية للعقل. في البرامج القائمة على محورية الطالب نحن واعون للفروق الفردية بين الطلبة, وندرك أن بعض الطلبة يفكرون ويكتبون بإحكام أكثر من غيرهم, وبعضهم ينشد الكمال, وبعضهم يسرع المهمة باندفاع كبير ويحتاج إلى الوقت فيما بعد ليحرر ويعيد التفكير في بعض ما كتبه, وبعضهم ينهي مبكراً, وبعضهم يحتاج إلى وقت أطول ليعيد قراءة عمله النهائي وليدققه. في العديد من الاختبارات بضع دقائق قلية لإظهار ما يعرفه الطالب يمكن أن تصنع كل الفروق بين النجاح والفشل. إننا نختبر للنجاح.
6) يجب أن نتجنب الإكثار من الاختبارات, فالاختبارات المتكررة لا ترفع مستوى القلق عند الطلبة فحسب, بل قد تُفقِد الاختبار قيمته. إن الاختبار الذي يكشف فقط عما يعرفه الممتحن عن الطالب هو اختبار لا حاجة له ومضيعة للوقت الثمين الذي يمكن أن يستخدم بفائدة أكبر في نشاط متفاعل أكثر. الاختبارات يجب أن تجري بشكل مقتصد وعلى مراحل في أثناء المساق عندما يمكن أن تزودنا بمعلومات عن مدى التقدم المفيد لكل من الطالب والمدرس.
7) السؤال المهم لكثير من المدرسين هو ما إذا كان الاختبار القائم على محورية الطالب يمكن أن يجرى لمجموعات كبيرة (عبر الأقسام في المؤسسات الكبيرة, أو عبر عدد من المدارس في منطقة محلية, أو لجميع الطلبة من مستوى محدد في الاختبارات الوطنية). والسؤال الأكثر ملاءمة يمكن أن يكون: هل هناك قيمة تربوية حقيقية للاختبارات التي تطبق على نطاق واسع والخالية من اللسمات الشخصية التي يسقط فيها دائماً عدد من الطلبة في الشقوق كما نعلم جميعاً, وأحياناً ليس نتيجة خطأ منهم?. إن إحراز المعايير المحلية أو الوطنية يمكن أن يتحقق, إن كان مرغوباً فيه بشدة, بالأشكال البديلة المشخصنة للتقييم (الحقائب مثلاً, والمقابلات الشفوية, أو الملفات الموثقة من الإنتاج الشخصي التي قد تكون الآن في شكل أشرطة فيديو وليس فقط كوثائق مكتوبة). إن اختبارات ملء الفراغ والاختيار من متعدد, رغم أنها مفيدة أحياناً للاختبارات القصيرة والمكونات الصغيرة في عمل صفي, فإنها لا تميزمستويات الأداء في الاستعمال اللغوي الحقيقي. إننا نحتاج إلى تطوير اختبارات مبدعة وإنسانية لما يفعله الشخص حقيقة باللغة, تماماً كما هو الحال في الفن والموسيقى التي تتطلب أنماطاً من الاختبارات مختلفة عن اختبارات المساقات ذات المحتوى المبني على الحقائق. يجب أن ندرب المدرسين جيداً على نظرية الاختبار وتقنياته, وبذلك يمكن أن يجرى الاختبار على المستوى المشخصن(11) بدلاً من المستوى غير المشخصن.

-8 تعلم اللغة هو اختراق لثقافة أخرى. والطلبة يتعلمون استعمال اللغة بتناغم مضامينها أو فيما يتعلق بها.
القيم اللغوية والثقافية وردود أفعال الناطقين بتلك اللغة وتوقعاتهم تم الكشف عنها بدقة. ويوضح جاتجنو Gattegno هذا عندما يقول "فقط عندما يكون الشخص مشبعاً حقاً بالأدب أو مغموساً في بيئة الناس الذين يستخدمون اللغة, يمكنه أن يُعبِّر عن نفسه تكلماً أو كتابة كما يعبر ابن اللغة. إن روح اللغة هي التي يجب أن تسيطر على دماغ الشخص". ولا غرابة إن لم يدرك حتى حملة الثقافة أنفسهم عن طريق الوعي, هذه القيم والتوقعات والمقتضيات الضمنية (التي دعاها نوستراند Nostrand بـبيئة طريقهم عبر العلاقات والاتصالات بأبناء اللغة, غير واعين تماماً لزلاتهم الثقافية والإهانة غير المقصودة الصادرة عنهم. وكونهم اقتحموا الثقافة فإنهم يعانون من صدمة تبعث على الاكتئاب والضغط والإحباطات المدمرة للثقة التي تؤثر في قدرتهم على التفاعل بتناغم مع أولئك الذين يتواصلون معهم, وفي الغالب أن ينتهوا إلى حب اللغة ولكن يكرهون مستخدميها.
ولسوء الحظ فإن الطلاقة في اللغة غير كافية.وكما تعبر كورتيس Cortese "إذا كان التوافق الاجتماعي يتطلب ملاحظة الأساليب المؤدبة والجميلة لتجنب الصدام" (كثيراً ما تدرّس هذه للمتعلمين), "فإنه (التوافق الاجتماعي) يُبنى في مستواه العميق على مناقشة القيم والمقدسات الفردية واحترامها. إلى هذا المستوى يجب أن تصل العملية التعلمية اللغوية المهمة والمستمرة بمعنيين: بمعنى مساعدة الرد ليشكل قيمه الخاصة, وبمعنى فهم توجيهات القيم المختلفة;" وهذا, كما تقول كورتيس, يميز أداء الإنتاج" عن مجرد "تقليد طقوس التأدب".
ابتداء إننا نطور قدرات طلبتنا للتفاعل مع أولئك الذين هم مختلفون لغوياً وثقافياً عنهم, وذلك بتعليمهم اللياقات الاجتماعيةالتي تُسهِّل العلاقات وتفتح أبواب القبول (تأدُّب كورتيس الجميل) ولكن هذه توفر مجرد فرص للتقدّم أكثر في الفهم, وكلما تقدمنا نحتاج إلى فهم أساليب التفاعل المتنوعة ثقافياً, وفي كثير من الحالات فإننا نتبنى تلك الأساليب بأنفسنا إذ لم نجد أن تقدُّمنا قد قيده سوء الفهم. يجب أن نتعلم الروتين العملي المختلف: طرق فتح الحوارات وإغلاقها, واتخاذ انعطافات, وهكذا. وكلما اقتربنا من التواصل مع ثقافة أخرى من خلال هذه الأبواب الأوسع فإننا نبدأ بإدراك الأنماط المنظمة من المعتقدات والسلوك, وفوراً نجد أن ما يمكن أن يبدو غريباً وأفعالاً منفصلة, أو طرقاً للتعبير عن الذات هي في الحقيقة تجليات لأنظمة اجتماعية فرعية, مثل المحافظة على هيكل الاحترام أو رفض التمييز المتعصب, أو عدم الرضا عن الخيلاء والكلام المنمق, أو الخنوع, أو الحاجات المتأصلة للتعبيرات الفردية, أو الميل إلى اتخاذ ملجأ في غرف الجماعة الثقافية.
ردود الأفعال اللغوية والعملية تلك, حتى في شكل الصيغة الشفوية, لا يمكن تعلمها منفصلة وتدريجياً على جرعات, بل يجب اكتسابها في أوضاع مرجحة ثقافياً, وعندما تكون الحياة الحقيقية والعمل مع أبناء اللغة غير ممكنة يمكن مشاهدة ردود الفعل تلك في الأفلام والمسرحيات والروايات والمسلسلات التلفزيونية والأحاديث الإذاعية وكذلك في الجرائد والمجلات. ويقوم المعلم, بصفته أكثر خبرة, بدور دليل للتفسير, لأن الطلبة سوف يميلون إلى تفسير هذه المادة الأولية من وجهة نظر ثقافتهم الخاصة. كذلك يمكن الحصول على الممارسة في التفاعل مع الناس من وجهات نظر ثقافية مختلفة من خلال تمثيل أوضاع مشكلة في داخل تلك الثقافة, كما في سيناريوهات دي بياترو Di Pietroالتفاعلية. يضع الطلبة حلولاً ممكنة وملائمة ثقافياً كلما قلدوا التفاعل ضمن الثقافة, وكلما واجهوا كل ما هو غير متوقع, وكلما اتخذوا قرارات كما قد يفعل أبناء اللغة الأصليون. ويُظهر النقاش فيما بعد مناطق للفهم الثقافي ولسوء الفهم الذي طفا إلى السطح في أثناء التفاعل. ومن الضروري هنا مرة أخرى تقديم الشرح والنصيحة من شخص لديه إطلاع عميق على الثقافة لتجنب سوء التفسيرتأسيساً على وجهات نظر الطلبة الخاصة المقررة ثقافياً.
وفي أثناء بحثها عن التفسير في تجربتها الخاصة "تسهيل التفاعل" في وضع اجتماعي وثقافي جديد, استخلصت روبنسون Robinson أربعة استنتاجات تساعدنا في فهم مهمتنا في أساليب التدريس. لقد وجدت أن التأكيد على الاختلافات الثقافية يبعث على الفرقة, بينما تقرب الأشياء المشتركة الناس من بعضهم (وبكلمات أخرى أننا نصارع بفعالية أكبر الآراء المقولبة من خلال إظهار التشابه الثقافي أكثر من الفوارق), وأن الفهم, بمعنى التغلب على الحواجز للتواصل, ليس فقط مشتقاً من القدرة على التنبؤ بأحداث مختلفة ثقافياً, ولكن يأتي من خلال أنماط الإدراك جميعها, الفسيولوجية, والعاطفية, والحركية, والحسية, وكذلك المعرفية, وهذه الخبرة بتلك الثقافة في جميع جوانب غناها يجب تكاملها مع محاولات الوصف والتفسير, وهو شيء أكثر إمكانية في عصر تفاعل الوسائط المتعددة هذا, وسهولة سفر الناس من كلتا الثقافتين (انظر المبدأ السابع), وتؤكد أيضاً حقيقة أن الخبرات الثقافية الجديدة ليست "إضافات" بل على الأصح إنها فُسرت ودُمجت بخبرة المتعلم السابقة (وهكذا يتم إغناء الطلبة في خبرتهم عن العالم وتغير وجهات نظرهم) وأخيراً فإن الفهم الحقيقي بين الثقافات يحتاج إلى وقت. وكما يحذرنا كرامش :Kramishchإن صعوبة فهم الرموز الثقافية تنبع من صعوبة رؤية الالم من منطور آخر, وليس من صعوبة فهم رموز مفردات أو قواعد أخرى", هذه عملية جيشان بطيئة وليست عملية غليان سريعة.
من خلال محاولاتنا لفهم السلوك الثقافي اللغوي للآخرين توصلنا إلى فهم منطومات قيمنا الخاصة ولاستعمالنا للغتنا الخاصة المحملة بالثقافة. والنتيجة أننا ننشأ مزودين بهذه الأنظمة, ونوسع خبرتنا في الطرق الإنسانية في التفكير والسلوك, ونطور التسامح من أجل الاختلاف, حتى ضمن التشابه الظاهر, ونتعلم أن نتفاعل بتناغم وبارتياح مع الآخرين من الخلفيات الثقافية المختلفة, ضمن مجتمعاتنا أو المجتمعات الأخرى, بدون ارتباك للمعنى الخاص بنا بخصوص هويتنا.
مثل هذه النتيجة لا تأتي وحدها, إنها تتطلب عملاً شاقاً, وتفكيراً شاقاً, وصبراً, ومثابرة من الطرفين المعلم والمتعلم.
9 - العالم الحقيقي يمتد خلف أسوار الصف, وتعلم اللغة يجري في داخل الصف وخارجه.
"اللغة وظيفة طبيعية للعلاقات الإنسانية” طبقاً لديوي Dewey وكلما كان لدينا فرص أكبر للعلاقات الإنسانية مع الناطقين بلغتنا الجديدة, كانت احتمالات تنمية السيطرة اللغوية أكبر من أجل استخدام طبيعي وتعبير تلقائي. في أوضاع اللغة الثانية والثنائية اللغوية, يتوافر للمدرسين ذوي الأهداف التفاعلية الكثيرُ من الإمكانيات المتوافرة لتعزيز تعلم اللغة خارج غرفة الصف عن طريق تسهيل التواصل بين متعلمي اللغة الثانية والمجتمع المحيط بهم والناطق باللغة كلغة أولى. إنهم ينظمون مع العائلات المضيفة التي تدعو الطلبة من أقطار أخرى للمشاركة في يوم عطلة أو في الاحتفالات العائلية, وهم يضعون واجبات لمقابلات منظمة تساعد طلبتهم على التغلب على خجلهم وعصبيتهم عندما يتحدثون مع أبناء اللغة بطريقة هادفة. وهم يرسلون طلبتهم خارجاً ليناقشوا الأسعار ونوعية السلع في الأسواق ليستخدموا الهاتف للسؤال عن ناد رياضي محلي أو عن توافر أشرطة فيديو للاستئجار. إنهم يأخذونهم إلى مطاعم محلية أو إلى البنك أو إلى مكتب البريد, أو يطلبون تقارير عن الأفلام الحالية والعروض التلفزيونية أو البرامج الإذاعية, التي تتراوح من الإعلانات أو ساعات الأخبار إلى البرامج الحوارية أو كوميديا الموقف, أو المسلسلات التلفزيونية, أو يشجعون الطلبة على إلقاء كلمات في نادي خدمات محلي أو في المدارس. هذا النمط من الانغماس في “العالم الحقيقي« اعتُبر بشكل عام صعب التنظيم لمتعلمي اللغة الأجنبية الذين بقوا داخل صفوفهم خلف أبواب مغلقة, ويجب أن لا تكون هذه هي الحالة. أكثر من ذلك, فانفتاح العالم من خلال السفر, وتزايد تبادل الطلبة, وتوسُّع الشبكة العنكبوتية العالمية, والمشاركة في المشاريع عبر الثقافات, والمميزات التي يتمتع بها متعلمو اللغة الثانية, كل تلك حظيت بعناية كبيرة كخيارات لمتعلمي اللغة جميعاً.
في غالبية المجتمعات قليل من البحث سيؤدي إلى الكشف عن بعض أبناء اللغة في المحيط: مغتربون, وأزواج, وطلبة من برامج التبادل الطلابي, ورجال أعمال تنفيذيون زائرون, وخبراء من كل الأنواع, أحياناً مع عائلاتهم, أو مهاجرون وصلوا حديثاً. وحيث يكون هناك هجرة راسخة منذ وقت طويل, يكون هناك مصدر آخر من متكلمي اللغة الأصليين من جماعات المتقاعدين أو في مراكز المسنين. وأحياناً يكون الناطقون باللغة الأكبر سناً معزولين ويشعرون بالوحدة ويتحولون إلى أحاديي اللغة. إن فكرة "تبَنَّ جَدَّةَ" التي أثبتت نجاحها في العمل الاجتماعي ربما تتبنى هنا, بالإضافة إلى تعزيز صداقة الهاتف مع ناطقين باللغة أكبر سناً, وكثير منهم حبيسو البيوت. في بعض الأحيان يكون من الممكن للطلبة أن يساعدوا أحاديي اللغة في تعبئة النماذج أو بيانات الضرائب وتوفر الخدمات, وفي أحيان أخرى يجمع الطلبة بيانات عن الحيوات المبكرة لهؤلاء الكبار في بلادهم الأصلية.
وتقرر كيب Kipp التي عملت في صفوف اللغة الألمانية في مدرسة بفكتوريا في استراليا, أن الحافز لتكلم اللغة التي يتم تعلمها يتدنّى بين الطلبة نتيجة الحاجة إلى "مجموعة معقولة من الزملاء الناطقين باللغة المستهدفة سواء داخل بيئة المدرسة أو خارجها". ووجدت كيب أنه حيث وجد تجمع من الناطقين بالألمانية, استمتع الطلبة بأي تواصل كان متوافراً وسهلاً لهم, ولكنهم لم ينخرطوا في البحث جدياً عن شركاء آخرين للحديث بتلك اللغة. هذا يبرز الحاجة إلى قيادة المدرّس لتحديد مشروعات ستتكامل مع العمل الصفي, وبذلك يستمتع الطلبة بالشعور بالإنجاز لشيء ما بعد جهدهم كله. والطلبة الذين تكون حافزيتهم للبحث عن اتصالات مثارة بفعل الواجب المتعلق باللغة أو المشروع الجماعي سوف يستكشفون فرصاً أخرى لاستعمال اللغة التي لم يحلم المدرس أن تكون متوافرة. والمشروع, سواء كان للبث عن التجارب المبكرة في هذه الدولة لمهاجر من المهاجرين القدماء وذكريات حكاياته وتقاليده في "الوطن الأول" يجب أن ينال التقدير كونه قدم للصف, أو نشر في الجريدة المدرسية أو المحلية, وقد يشكل بديلاً آخر ليكون جزءاً من مشروع جماعي في مقالات غير عادية عن الجماعة المحلية للنشر أخيراً داخل المدرسة وخارجها, وحتى ربما عن طريق قناة كابل محلية يمكن الوصول إليها.
وحيث لا تتوافر تلك المصادر, يتم الاتصال بالمجتمع عن بُعد بواسطة صداقة المراسلة أو صداقة تبادل الأشرطة أو بالبريد الالكتروني; ومن خلال توأمة الصفوف بواسطة الكمبيوتر والموديم ومشاريع المدينة التوأم, والتعاون مع حملة إعلانية في مركز تجاري محلي ("فرنسا" أو "إيطاليا في بلدتنا"), حيث ينشِّط طلبة اللغة بحيوية الفعاليات بواسطة أداء الأغاني باللغة, أو يؤدون رقصات تلك الثقافة, ويمكن تنظيم معسكرات عطلة نهاية الأسبوع حيث يقوم المدرسون من مدارس مختلفة بدور "أبناء اللغة" طوال مدة المعسكر. هناك فرص لا تنتهي الآن للتواصل مع اللغات والثقافات الأخرى بواسطة بث الأقمار الصناعية والفيديو. يجب أن نغتنم كل فرصة موجودة أو متخيلة لأخذ اللغة ومتعلميها إلى خارج غرفة الصف فعلياً أو من خلال خبرة بديلة قام بها آخرون.
وعندما يرى طلبتنا المزايا والرضا عن الخبرة في إجراء هذه الأنواع من المشروعات سوف يفكرون في مشروعات أخرى بأنفسهم, مثل الشواء, فالطلبة يحتاجون إلى "مشغل" صغير.
يعبر كل واحد من هذه المبادئ عن موقف أو اتجاه فلسفي أو سيكولوجي, وكل واحد منا يُعلّم طبقاً لتوجهات أُخذت بصرامة من هذا النوع. قد تكون توجهاتنا الخاصة بنا غير واضحة لطلبتنا أو حتى لأنفسنا, وربما لم نتوقف لنفكر فيها بشكل كاف, ولكن إذا تم تحدينا أو مواجهتنا بوجهات نظر أخرى فإننا نرد بطريقة تكشف "من أين نحن آتون." ومن خلال توضيح توجهاتنا وقناعاتنا في أذهاننا, تكون قد تمت تقويتنا لـ "اختر بحسن تمييز" كما وضعها بالمر, مطبقين ما نجد أنه مفيد, ليس إلى الأبد ولكن لهذا الوقت وفي الوقت الذي نحافظ فيه على حاجات طلبتنا متعلمي اللغة الحاليين في أوليات تفكيرنا, فإننا نجرب ونخترع بشكل هادف في هذا السياق المعين, إننا مسؤولون ولا نسلم هذا الدور لأحد. بهذه الطريقة تستقيم مهنيّتنا, بالتحرر من الضغوط الخاجية وبالشحن لتطوير عملنا وتحسينه بطريقة نحكم بها أن نكون الأفضل لطلبتنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق