السلام عليكم

ارجو لكم الاستفادة و مشاركتنا باي جديد لديكم و نحن علي ثقة في اي جديد يفيدكم و يفيدنا و اتمني للجميع السعادة
مدير المدونة
طارق توفيق (مستر / طارق)

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 30 مارس 2011

ازمة المياة - 5

مصر: المياه هدفا للتعاون وليس للحروب

كان مثيرا أن تضع مبادرة لوتسرن للسلام والأمن ضمن محاور مؤتمرها الثاني‏(‏ الذي شهدته سويسرا قبل أيام‏)‏ المياه باعتبارها حقا من حقوق الإنسان‏,‏ وأبدت دهشتها من القلاقل التي تشهدها بين وقت وآخر دول حوض النيل‏.‏
ورأت أن حياة سكان وشعوب المنطقة تفرض درجة قصوي من الاهتمام والحذر للحفاظ علي مياه النيل من ناحية‏,‏ وعدم الوقوع في فخ الصدامات والتوترات من ناحية أخري‏..‏ ومعلوم أن زيادة عدد السكان في بعض دول الحوض‏,‏ والاستخدام السيئ للمياه يجعل الجميع يضع يده علي صدره خوفا من تحول بعض الأزمات الي حروب‏,‏ خصوصا أن سعر لتر مياه الشرب أصبح يزيد في بعض البلدان علي سعر لتر البنزين‏,‏ وأشارت أوراق المؤتمرالي مكانة نهر النيل عند المصريين‏.‏
وذكرت أن المصريين القدماء كانوا يقدسون النيل‏,‏ ويتقربون إليه ـ فيقدمون ـ حسب الأسطورة ـ أجمل الفتيات إليه‏(‏ سنويا‏)‏ وسجل المؤتمر انتقادات منها أن المصريين اليوم أهملوا النيل الذي يبدو أنه لم يعد يحتل المكانة التي كان يحتلها قديما في قلوب الأجداد‏,‏ فهاهم يقذفون في عرضه بفضلاتهم‏,‏ ويعتدون عليه‏(‏ فتري فيه الحيوانات النافقة من كل لون وصنف‏).‏
هواجس ومخاوفوتحدث المؤتمر عن مساحة الهواجس في نفوس الكثيرين بسبب تزايد الحصة اليومية للمواطن من المياه في وقت يكثر فيه الحديث عن عشرة أنهار كبري مهددة بالجفاف من بينها نهر النيل‏,‏ الذي تشترك في مياهه نحو تسع دول إفريقية‏..‏
وللانصاف يجب أن نذكر أن مصر قد أدركت ـ في وقت مبكر ـ خطورة دخول المياه في معترك الصراع‏,‏ لذلك دعا الرئيس جمال عبدالناصر الي عقد قمة عربية في عام‏1964‏ لبحث مشكلة تحويل إسرائيل لمجري نهر الأردن عبر مشاريع كانت تستهدف تحويل‏225‏ مليون متر مكعب من مياهه‏,‏ وبعد ذلك اندلعت حرب‏1967‏ قبل استكمال هذه المشاريع لكن يبقي احتمال نشوب حرب المياه في الشرق الأوسط قائما‏.‏
ويدعم ذلك أن معظم الأنهار التي تغذي المنطقة تأتي من خارجها وتتحكم دول المنبع في دول المصب‏,‏ ولعل أبرزمثال علي ذلك‏:‏ مصر والسودان‏,‏ باعتبارهما نقطة مصب لنهر النيل‏,‏ وسوريا والعراق باعتبارهما نقطة مصب لنهري دجلة والفرات‏.‏
والحق أن النيل يثير عددا من القلاقل في السنوات الأخيرة ويكاد يمثل صداعا في رأس مصر بسبب تلويح بعض دول حوض النيل بطرح قضايا تتعلق بإعادة النظر في الاتفاقات الدولية المنظمة للحصص المقررة لكل دول الحوض‏,‏ وتعود في معظمها الي فترات الاستعمار الأوروبي‏,‏ وبسبب ما يتردد حاليا بشأن خصخصة مياه النيل أوتسعيرها واقامة ما يعرف ببورصات المياه‏..‏ ومما يزيد هذه القضية اشتعالا ظهور أزمات مياه الري في بعض المناطق في مصر‏,‏ فتدفق المياه لم يعد بنفس المعدل أو القوة المعتادة في السنوات الماضية‏,‏ ناهيك عن ظهور ـ ربما لأول مرة ـ مشكلة شح مياه الشرب في عدد من محافظات مصر‏.‏
والحق أن مصر‏(‏ التي تصل احتياجاتها الفعلية من مياه النيل الي ما يزيد علي‏84‏ مليار متر مكعب‏)‏ تدرك خطورة هذه الأوضاع وانعكاساتها علي العلاقات التي تربط دول حوض النيل ولذلك تضع في رأس أولوياتها تهدئة الأجواء والاحتكام الي‏(‏ منطق المصلحة المشتركة‏)‏ التي تجمع كل الدول المشاطئة للنيل ومرجعية القانون الدولي الذي وضع القواعد المنظمة للمصادر المائية للأنهار الدولية بشكل عام والاتفاقات الدولية التي تنظم اقتسام مياه النيل بين دول الحوض‏.‏
تسلل إسرائيلي
والأهم أن مصر تعي ـ بشكل دقيق وعميق ـ المشاريع الإقليمية التي تروجها بعض الدول في منطقة الشرق الأوسط‏(‏ مثل إسرائيل‏)‏ للتحكم في مياه النيل‏,‏ فقد زعم شيمون بيريز في كتابه الشرق الأوسط الجديد أن قضية المياه تعتبر دليلا علي مدي الحاجة لاقامة نظام اقليمي يهدف الي التخطيط وتنفيذ مشاريع تنمية المياه وتوزيعها علي أساس اقتصادي وبأسلوب عادل‏!‏ وصولا الي دعوته لإنشاء هيئة اقليمية تشارك فيها كل الأطراف المعنية بالنيل‏..‏ مما يسهم ـ أخيرا ـ في تخفيف أسباب التوتر والعمل من أجل السلام‏..‏ يقول ذلك بيريز كما لو كانت إسرائيل تريد حقا السلام‏!!‏
اختصارا أن مصر ـ التي وهبها النيل الحياة والرفاه ـ تري أن المياه وإن كانت سببا للحروب‏,‏ إلا أنها يمكن أن تكون هدفا جيدا للتعاون بين الدول برغم أن الثابت ـ عملا ـ أن مشاريع المياه مثل السدود وانفاق التحويل وخطوط المواسير ومحطات تحلية المياه تعتبر عرضة للتخريب‏,‏ فقد أظهر التحالف الدولي ضد العراق كيف يمكن تخريب هذه المنشآت بواسطة الغارات الجوية بينما كشف الهجوم العسكري العراقي علي الكويت عام‏1990‏ مدي سهولة تخريب المنشآت المائية ومحطات التحلية علي الأرض‏..‏
والحق أن سيناريوهات عديدة‏(‏ اقليمية ودولية‏)‏ باتت تستهدف إشعال الفتن بسبب المياه في الشرق الأوسط‏,‏ لذلك لم يعد مبررا استمرار غياب‏(‏ آلية عربية‏)‏ تهتم بأمر المياه والثروة الهيدروليكية لاسيما بعد أن تبين للأعمي والأعشي والبصير علي السواء المخاطر المحدقة بشعوب المنطقة في ضوء تضاعف الاستهلاك العالمي‏(‏ تضاعف ست مرات بين السنوات‏1900‏ ـ‏1995‏ أي أكثر من ضعف الزيادة السكانية في نفس الفترة‏),‏ وشكوي نحو سدس سكان العالم ـ أكثر من مليار نسمة ـ من نقص مياه الشرب‏.‏
أجندة المياه\
ولعل هذه الحقائق التي باتت تفقأ العيون هي ذاتها التي تحرض علي وضع أجندة لإدارة السياسات المائية في المنطقة وتستهدف تنمية وتطوير قاعدة بيانات حقيقية حول الموارد المائية العربية‏,‏ وتشجيع البحث العلمي في مجال هذه الموارد والبحث عن بدائل جديدة‏,‏ وتوثيق التعاون‏(‏ الإقليمي‏)‏ مع دول أعالي الأنهار العربية لتفادي الأزمات الناجمة عن تفاوت توزيع حصص المياه وقطع الطريق علي إسرائيل‏,‏ التي تتسلل الي هذه الدول‏(‏ تركيا واثيوبيا واوغندا‏),‏ وتنسيق المواقف العربية في المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بالمياه واستثمار الوجود العربي في الاتحاد الإفريقي ومنظمة المؤتمر الاسلامي للتأثير في مواقف دول الجوار ذات الصلة بالمياه العربية‏(‏ إثيوبيا وتركيا‏)..‏
وتحدث المؤتمر أخيرا عن شيئين‏:‏
‏*‏ ضرورة تغيير ثقافة الشعوب تجاه المياه والكف عن عمليات التبذير والاهدار اللامحدودة‏,‏ والتي تنذر بكوارث وشيكة اذا لم يتم الاقلاع عنها‏..‏

*‏ ضرورة استحداث آليات جديدة‏(‏ سياسية وقانونية‏)‏ لفض المنازعات التي تنشأ بين الدول المشاطئة للأنهار حول اقتسام الموارد المائية‏..‏ يبقي أن نذكر أن منطقة الشرق الأوسط ـ بحسب المؤتمر ـ من أكثر المناطق المرشحة لاشتعال الصراع فيها بسبب المياه‏,‏ لذلك يتعين علي الجميع الاحتكام للعقل والمنطق واللجوء الي المرجعيات القانونية المنظمة لنصيب كل دولة من دول المصب أو دول المنبع‏..‏ فالمياه‏..‏ مثلما هي أداة للصراع يمكن أن تكون أداة للوئام والتعاون‏..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق